صباح كل يوم تقف امام المرآة تسرح شعرها الاشقر الطويل ثم تمسك بعلبة المكياج لتبدأ بوضع اللمسات الجمالية على وجهها المستدير وتنظر الى صورتها فترى نفسها اكثر اشراقاً وجمالاً بعد وضع المكياج ، تتناول فطورها وكما تعودت تشرب فنجان القهوة بعد ذلك ثم تقف على مقربة من شرفة غرفتها تمتع نظرها بحركة اشجار حديقتها وهي تسمع زقزقة العصافير .
ويصادف كل يوم مرور شاب وسيم في الشارع امام منزلها ويتبادل معها النظرات وبدأ هذا الشاب يزداد اعجاباً بها ، وبدأت تراوده افكار كثيرة كيف يعبر لها عن اعجابه بها وكيف يلتقي بها أو كيف يتصل بها وهو يجهل رقم هاتفها . وازدحمت في رأسه الافكار والتساؤلات وراح يمني النفس بأمور كثيرة أولها الأعجاب وآخرها حب لا يوصف . وقرر ذات يوم ان يقف امام شرفتها برهة من الوقت ليبادلها الاشارات والنظرات وفعلاً فعل ذلك وبمجرد أن رفع يده يلوح بها استهجنت هذا التصرف وعبرت عن امتعاضها منه حيث انسحبت الى الخلف قليلاً ثم اغلقت ستارة نافذتها وهي تردد مع نفسها مسكين هذا الشاب لم يحسن الاختيار ثم تستدرك قائلة هو رأى لمحة الجمال عندي واختار فأحسن أختياره لكنه لايعلم ما يعيب هذا الجمال أخذ الشاب يفكر كثيراً بهذا التصرف لهذه المرأة الجميلة ولام نفسه كثيراً لِمَ تصرفت هكذا معها ، اني سأُحرَم من رؤيتها ثانية .ثم قال ربما لم تعجب بيَّ ربما لم اكن بالمستوى المطلوب الذي تطمح اليه هذه الفتـاة . وفي اليوم الثاني وحين مرَّ من هناك نظر الى شرفة الدار فوجدها واقفة هناك ، وحين رأته ابتسمت هذه المرة وهي تقول الم يتعض هذا الشاب من يوم امس . وهو حين رأى ابتسامتها تجدد عنده الامل ولو بلقاء بسيط يعبر به عن حبه لها واستعداده للتضحية من اجلها لانها دخلت قلبه وصورتها لاتفارق ناظريه بل كانت تزوره في احلامه أيضاً 0
وتكررت بينهم هذه النظرات والاشارات يلوح لها بالوقوف قرب باب الدار الرئيسي يوم غد ليراها عن قرب ، هو تعبيراً عن حبه لها وهي حين تبتسم ليس اعجاباً بل على سوء حظه وعلى المقلب الذي سيواجهه هذا الشاب المسكين . فهمت اشارته جيداً وارادت ان تحقق رغبة هذا الشاب في اليوم التالي واعطته الاشارة بذلك .
بدأ الشاب يعد الساعات والدقائق ومرَّ يومه ثقيلاً وهو ينتظر بفارغ الصبر بزوغ الفجر وبداية اليوم التالي ليرى من يحب عن قرب .
عند الصباح نهض الشاب وحلق لحيته وارتدى اجمل ملابسه وصفف شعره ووضع عطره المميز استعداداً للحظة اللقاء اما الفتاة فكانت كالمعتاد تمارس ما اعتادت عليه كل صباح بأستشناء فارق بسيط هو أنها لم تقف في شرفة غرفتها بل وقفت عند الباب الرئيسي للدار . وفي الوقت المحدد لمرور الشاب من امام دارها فتحت الباب قليلاً واخرجت رأسها تنتظر قدومه . وما ان رأته يتقدم بأتجاهها أستعدت للحظة الحسم . اما الشاب فحين رآها تنظر اليه عن بعد اسرع الخطى ليقرب لحظة اللقاء .
فما كان من الفتاة ذات الشعر الذهبي والوجه المستدير الا ان فتحت الباب كاملاً ووقفت تنتظر أن يراها هذا الشاب الوسيم .
وحين وصل الشاب الى الباب تفاجئ مما رأى وأدار وجهه خجلاً من حبيبته وولى مسرعاً .
اما هي فقد ضحكت بصوت عالٍ على خيبة هذا الشاب .
واثناء هروبه المسرع من امام دارها لعن هذا الشاب مرض شلل الاطفال الذي اصاب هذه الشابة الجميلة الحسناء مردداً ألا لعنة الله على شلل الاطفال .
2004